للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفُصُولَيْنِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُذْكَرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ خُوَاهَرْ زاده الرُّومِيُّ قَائِلًا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ وَلَمْ أَقِفْ فِي مَشَاهِيرِ شُرُوحِهَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ وَشَرَحَهَا نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ صَرَفَهَا فَضَلَّ وَأَضَلَّ كَثِيرًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ: فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ عَنْ الْإِرْثِ فَقُبِلَتْ، فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ جَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَيْضًا فَمَدَارُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْنًا آخَرَ لِلْجَرِيحِ يَدَّعِي حِرْمَانَهُ لَا عَلَى إيقَاعِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ جَرَحَنِي كَمَا تَوَهَّمَهُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ: لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْأَبِ، وَقَدْ أَكْذَبَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ كَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى.

أَقُولُ: وَالْحَقُّ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا فِي يَدِ الرُّومِيِّ.

إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اُسْتُحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا، فَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالدِّيَةِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ لَا بِأَعْيَانِهِمْ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْهُمْ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُنَافِي فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَهُمْ إنَّمَا يَغْرَمُونَ إذَا قَالَ: الْقَاتِلُ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ لَا يَغْرَمُونَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إلَّا بِدَعْوَى الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ امْتَنَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ وَسَقَطَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَلَا قَسَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْ فَاتَتْ حَيَاتُهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ حَيٍّ وَهَذَا مَيِّتٌ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَتِيلًا حَتَّى يَجِبَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ، أَوْ خَنْقٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ، أَوْ أُذُنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلٍ مِنْ جِهَةِ الْحَيِّ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ، أَوْ دُبُرِهِ، أَوْ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمُخَارِقِ عَادَةً بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّهِيدِ.

وَلَوْ وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ، أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، أَوْ وُجِدَ يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ، أَوْ رَأْسُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْبَدَنِ إلَّا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَنٍ وَلَا مُلْحَقٍ بِهِ فَلَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ لَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا مُنْسَحِبَةٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ.

وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ، أَوْ سِقْطٌ

<<  <   >  >>