لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ الْكَبِيرُ حَالًا وَإِنَّ بِهِ أَثَرَ الضَّرْبِ وَهُوَ تَامُّ الْخَلْقِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا لَا حَيًّا، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ رَاكِبَهَا، أَوْ قَائِدَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ.
وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ وَعَلَيْهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهُ الصَّوْتُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ إنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ دُونَ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْكُلُّ مُشْتَرِكُونَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ فَكَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا عَوَاقِلُهُمْ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانُوا سَوَاءً فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ.
وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وَجَدَ فِيهَا قَتِيلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَإِنَّ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ لَهُ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ؛ لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا وَعَلَى السُّكَّانِ، وَكَذَا عَلَى مَنْ يَمُدُّهَا، الْمَالِكُ وَغَيْرُ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ.
وَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ الْجُسُورُ الْعَامَّةُ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي السُّوقِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَى السُّكَّانِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا كَالشَّوَارِعِ الْعَامَّةِ الَّتِي بُنِيَتْ فِيهَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَرِّيَّةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهَا عِمَارَةٌ فَهُوَ هَدَرٌ وَتَفْسِيرُ الْقُرْبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ كَانَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي وَسَطِ الْفُرَاتِ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ.
وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute