للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَجُوزُ حَطُّهُ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ هَذَا كُلَّهُ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ وَقَدْ أَذِنَ فِيهَا، وَتَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا صَحَّ فِي حِصَّتِهِ، وَهَذَا كَاخْتِلَافٍ فِي دَيْنٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ

. وَلَوْ جَرَتْ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ خُصُومَةٌ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ جِئْت بِأَرْبَعِينَ عَدَدًا مِنْ النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ فَقَالَ لَهُ أَخْطَأْت إنَّمَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَدَدًا فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ عَدَدًا مِنْهُ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَفِي الْوَجِيزِ الْمُضَارَبَةُ نَوْعَانِ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ، وَالْعَامَّةُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا دَفَعَ مَالَهُ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك يَمْلِكُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ، وَالنَّسِيئَةِ، وَالْإِجَارَةَ، وَالِاسْتِئْجَارَ، وَالرَّهْنَ، وَالِارْتِهَانَ، وَالْإِيدَاعَ، وَالْإِبْضَاعَ، وَالتَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءَ، وَالْحَوَالَةَ بِالثَّمَنِ، وَالْحَطَّ عَنْهُ شَيْئًا بِعَيْبٍ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ، وَالْإِذْنَ لِعَبْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُسَافَرَةَ بِالْمَالِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَهْنَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالِارْتِهَانَ، وَيَدْفَعُ أَرْضَ الْمُضَارَبَةِ مُزَارَعَةً، وَيَأْخُذُ أَرْضَ غَيْرِهِ بِالْمُزَارَعَةِ، وَيَتَقَبَّلُهَا لِيَغْرِسَ فِيهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَجَرًا أَوْ رُطَبًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارَبَةَ، وَالشَّرِكَةَ، وَالْخَلْطَ بِمَالِهِ، وَالْإِقْرَاضَ، وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَأَخْذَ الْمَالِ سَفْتَجَةً وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ضَمِنَ، وَلَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَالًا يَمْلِكُ بَيْعَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ صَحَّ الْكِتَابَةُ فِي حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْبَاقِي يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَعِنْدَهُمَا الْكِتَابَةُ لَا تَتَجَزَّأُ، وَلِلْآخَرِ نَقْضُهَا فَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ عِنْدَهُ، وَمَا قَبَضَ الْمُضَارِبُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَرُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَيَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مِنْهَا، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ بِدَيْنِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ الْإِقْرَاضِ، وَالِاسْتِدَانَةِ، وَأَخْذِ السَّفَاتِجِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ جَازَ فِي الْفَاسِدَةِ لِقِيَامِ الْإِذْنِ بِالتَّصَرُّفِ، وَإِذَا أَبْضَعَ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ جَازَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا الْمُضَارَبَةُ الْخَاصَّةُ فَنَوْعَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا لَوْ دَفَعَ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ الْكُوفَةِ، وَرَبِحَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالرِّبْحُ لَهُ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُخْرِجَ الْبَعْضُ صَارَ ضَامِنًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْكُوفَةِ فَهُوَ مُضَارَبَةٌ عَلَى حَالِهَا، وَلَا يُعْطِيهِ بِضَاعَةً لِمَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا.

وَلَوْ قَالَ دَفَعْت إلَيْك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ أَوْ اعْمَلْ بِالْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِهَا، وَيَعْتَبِرَ هَذَا مَشُورَةً لَا شَرْطًا، وَفِيمَا عَدَاهُمَا اُعْتُبِرَ شَرْطًا.

وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ فَعَمِلَ فِي مَكَانٍ آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا.

وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا فِي السُّوقِ فَعَمِلَ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ، وَالثَّانِي لَوْ دَفَعَ وَقَالَ خُذْهُ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرِ الطَّعَامَ فَهُوَ مُضَارَبَةً فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْ يُبْضِعَ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرِ الْبَزَّ، وَبِعْهُ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَزَّ وَغَيْرَهُ. وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ صَحَّ الشَّرْطُ. وَلَوْ قَالَ بِعْهُ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَا تَبِعْهُ بِالنَّقْدِ فَبَاعَهُ بِالنَّقْدِ جَازَ دَفْعُ مُضَارَبَةٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ

<<  <   >  >>