للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطَّعَامَ خَاصَّةً فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ، وَالْحَمُولَةِ، وَلَا يَشْتَرِي سَفِينَةً يَحْمِلُ فِيهَا الطَّعَامَ فَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ عَامَّةً جَازَ لَهُ شِرَاءُ السَّفِينَةِ أَيْضًا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ قَالَ لَا تَعْمَلْ فِي الْحِنْطَةِ صَحَّ نَهْيُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ كَمَا إذَا عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ انْتَهَى.

وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ ثُمَّ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَالْمُدَّعِي مُوسِرٌ فَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ اسْتَسْعَى الْغُلَامَ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّعْوَةَ صَحِيحَةٌ فِي الظَّاهِرِ حَمْلًا عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ لَكِنَّهَا لَمْ تَنْفُذْ لِفَقْدِ شَرْطِهَا، وَهُوَ الْمِلْكُ لِعَدَمِ ظُهُورِ الرِّبْحِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْنِي الْأُمَّ، وَالْوَلَدَ مُسْتَحَقٌّ بِرَأْسِ الْمَالِ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا صَارَتْ أَعْيَانًا كُلُّ عَيْنٍ مِنْهَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ كَذَا هَذَا فَإِذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ الْآنَ ظَهَرَ الرِّبْحُ، وَنَفَذَتْ الدَّعْوَةُ السَّابِقَةُ فَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَةُ، وَثَبَتَ النَّسَبُ عَتَقَ الْوَلَدُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي بَعْضِهِ، وَلَا يَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ عِتْقَهُ ثَبَتَ بِالنَّسَبِ وَالْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ آخِرُهُمَا فَيُضَافُ إلَيْهِ، وَلَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا ضَمَانُ إعْتَاقٍ فَلَا بُدّ مِنْ التَّعَدِّي، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْغُلَامَ لِأَنَّهُ احْتَبَسَتْ مَالِيَّتُهُ عِنْدَهُ، وَلَهُ أَنْ يَعْتِقَ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَسْتَسْعِيهِ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ لِأَنَّ الْأَلْفَ مُسْتَحِقٌّ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَمْسَمِائَةِ رِبْحٌ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا يَسْعَى لَهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ ثُمَّ إذَا قَبَضَ الْأَلْفَ رَبُّ الْمَالِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْمَأْخُوذَ لَمَّا اسْتَحَقَّ بِرَأْسِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مُقَدَّمًا فِي الِاسْتِيفَاءِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا رِبْحٌ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ دَعْوَةٌ صَحِيحَةٌ لِاحْتِمَالِ الْفِرَاشِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ، وَتَوَقَّفَ نَفَاذُهَا لِفَقْدِ الْمِلْكِ فَإِذَا ظَهَرَ الْمِلْكُ نَفَذَتْ تِلْكَ الدَّعْوَةُ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَيَضْمَنُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَسْتَدْعِي صُنْعًا كَمَا إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً بِالنِّكَاحِ ثُمَّ مَلَكَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وِرَاثَةً يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَذَا هَذَا بِخِلَافِ ضَمَانِ الْوَلَدِ.

وَإِذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَتْ نَفَقَتُهُ فِي الْمَالِ، وَإِنْ سَافَرَ فَطَعَامُهُ، وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَرُكُوبُهُ شِرَاءُ وَكِرَاءٌ هَذَا فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ، وَبِخِلَافِ الْبِضَاعَةِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَدِمَ مِصْرَهُ رَدَّهُ فِي الْمُضَارَبَةِ.

وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ دُونَ السَّفَرِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَغْدُو ثُمَّ يَرُوحُ فَيَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السُّوقِيِّ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبِيتُ بِأَهْلِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِلْمُضَارَبَةِ وَالنَّفَقَةِ مَا تَصَرَّفَ إلَى الْحَاجَةِ الرَّاتِبَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ غَسْلُ ثِيَابِهِ، وَأُجْرَةُ أَجِيرٍ يَخْدُمُهُ، وَعَلَفُ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا، وَالدُّهْنُ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ عَادَةً كَالْحِجَازِ، وَإِنَّمَا يُطْلِقُ فِي جَمِيع ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى يَضْمَنَ الْفَضْلَ إنْ جَاوَزَهُ، وَأَمَّا الدَّوَاءُ فَفِي مَالِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ سَافَرَ بِمَالِهِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ خَلَطَ بِإِذْنٍ أَوْ بِمَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ أَنْفَقَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمَجْمَعِ.

وَفِي الْوَجِيزِ لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ فِي مِصْرِهِ، وَيُنْفِقُ إذَا خَرَجَ، وَلَا تَبْطُلُ نَفَقَتُهُ إلَّا بِإِقَامَتِهِ فِي مِصْرِهِ أَوْ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ إذَا اتَّخَذَ بِهِ دَارًا أَوْ

<<  <   >  >>