للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ، وَفِي مِثْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا مَعَ ذَلِكَ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ فَضْلٍ قُبِلَتْ.

وَمَنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَقَالَ هِيَ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ بِالنِّصْفِ وَقَدْ رَبِحَ أَلْفًا فَقَالَ فُلَانٌ هِيَ بِضَاعَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ أَقْرَضْتنِي وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ هِيَ بِضَاعَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ.

وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ فِي نَوْعٍ وَقَالَ الْآخَرُ مَا سَمَّيْتَ لِي تِجَارَةً بِعَيْنِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعًا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ. وَلَوْ وُقِّتَ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ أَوْلَى لِأَنَّ آخِرَ الشَّرْطَيْنِ يَنْقُضُ الْأَوَّلَ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْوَجِيزِ إنْ اخْتَلَفَا فِي نَوْعِ الْعَقْدِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ بِضَاعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ عَقْدًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُمَلَّكُ فَيَكُونُ مُنْكِرًا لِتَمَلُّكِ تِلْكَ الْجِهَةِ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ يَضْمَنُ الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ جَحَدَ الْأَمَانَةَ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ قَرْضٌ، وَادَّعَى الْقَابِضُ الْمُضَارَبَةَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا تَصَرَّفَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ، وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ كَانَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْقَرْضُ لِإِنْكَارِ الْقَابِضِ.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذْته غَصْبًا وَقَالَ الْقَابِضُ دَفَعْته وَدِيعَةً أَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذْته غَصْبًا وَقَالَ أَخَذْته مِنْك مُضَارَبَةً يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودَعُ أَخَذْته وَدِيعَةً وَقَالَ الْمَالِكُ أَخَذْته غَصْبًا انْتَهَى.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مُضَارِبٌ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ قَدْ دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَعَ الْجُحُودِ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ بِهَا وِكَالَةً هَذِهِ فِي الْوِكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ سَافَرَ الْمُضَارِبُ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ شِرَاءُ الْمَتَاعِ فَالنَّفَقَةُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ خَرَجَ الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ، وَعَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَالنَّفَقَةُ فِي الْمَالَيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ لَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ الْمُضَارِبُ أَوْ شَرِيكُ الْعِنَانِ الْبَاز مِنْ مَالِ الْمُشَارَكَةِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَعْطَى مِنْ مَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ دَلَالَةً.

الْمُضَارِبُ إذَا كَانَ يَدْفَعُ النَّوَائِبَ فِي سُوقِ الْمَتَاعِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

لَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ الْوَضِيعَةَ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ رَبِحْت فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَبُّ الْمَالِ إذَا نَهَى الْمُضَارِبَ عَنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْمُضَارِبُ إنْ خَرَجَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ إنْ هَلَكَ الْمَالُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ خَرَجَ إلَى بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ، وَيَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ فَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مِنْ الصُّغْرَى.

مَاتَ رَبُّ الْمَالِ فَسَافَرَ الْمُضَارِبُ

<<  <   >  >>