للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِمَالٍ الْمُضَارَبَةِ يَضْمَنُ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا، وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ.

مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُضَارِبُ فِي مِصْرٍ آخَرَ فَسَافَرَ إلَى مِصْرِ رَبُّ الْمَالِ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ أَوْ نَاضٌّ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْمُضَارِبِ إنْ كَانَ عُرُوضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَوْ سَافَرَ إلَى آخَرَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ أَنْشَأَ السَّفَرَ لِرَدِّ الْمَالِ إلَى رَبِّهِ، وَفِي الثَّانِي أَنْشَأَ السَّفَرَ لَا لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي النَّهْيِ مَنْفَعَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الْمِصْرَ مَوْضِعٌ آمِنٌ عَنْ الْجَعْلِ فَصَحَّ نَهْيُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ فِي الطَّرِيقِ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ بِرَسُولِهِ عَنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ مِصْرٍ أَحَبَّ، وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا فَخَرَجَ إلَى غَيْرِ مِصْرِ رَبِّ الْمَالِ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ قَدْ انْتَقَضَتْ بِالنَّهْيِ، وَالْمَوْتِ، وَفِي الْعُرُوضِ بَقِيَتْ فَيَبِيعُهَا لِيُحَصِّلَ رَأْسَ الْمَالِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَصِحَّ نَهْيُهُ عَنْ السَّفَرِ مِنْ الْوَجِيزِ.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ بِنَقْدٍ فَبِعْته بِنَسِيئَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ لَمْ تَقُلْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ هَذِهِ فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ أَمَرْتنِي بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِالنَّقْدِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي التَّخْصِيصِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ.

وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَ الْمُضَارَبَةِ إذَا رَكِبَهُ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لَهُ فَلَا يَعْتَبِرُ حُضُورَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ.

قِسْمَةُ الرِّبْحِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مَوْقُوفَةٌ إنْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْفَضْلُ إلَّا بَعْدَ سَلَامَةِ الْأَصْلِ، وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مِنْ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ بِقِسْمَتِهِ حَتَّى لَوْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ، وَمَا قَبَضَهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَرُدُّ الْمُضَارِبُ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ رِبْحًا لَمْ يَكُنْ رَبُّ الْمَالِ رَاضِيًا بِتَمَلُّكِهِ فَصَارَ الْمُضَارِبُ عَاصِيًا وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ أَلْفَيْنِ، وَالْمُضَارَبَةُ أَلْفًا، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا رِبْحًا ثُمَّ ضَاعَ رَأْسُ الْمَالِ فَالْأَلْفُ الَّتِي قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ، وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ لَهُ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ وَلَوْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ الْمُضَارِبُ دَفَعْت إلَيْك رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ اقْتَسَمْنَا وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ مَا دَفَعْت إلَيَّ رَأْسَ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الْوَجِيزِ.

وَإِنْ عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ حَتَّى اشْتَرَى، وَبَاعَ فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ، وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا شَيْئًا آخَرَ فَإِنْ عَزَلَهُ، وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ قَدْ نَضَّتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا هَذَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَانَ كَانَ دَرَاهِمَ، وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَى هَذَا مَوْتُ رَبِّ الْمَالِ، وَلُحُوقُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ، وَنَحْوِهَا مِنْ الْهِدَايَةِ.

الْمُضَارِبُ إذَا عَمِلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فَرَبِحَ فَالْمَالُ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ وَدِيعَةٌ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرٌ مِثْلَ مَا عَمِلَ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ أَطْلَقَ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَعِنْدَ

<<  <   >  >>