أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ الْمُسَمَّى وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ. قِيلَ: الْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ هَذَا فِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الشَّافِي لَا يَضْمَنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ، وَالْمُضَارَبَةُ الصَّحِيحَةُ وَالْفَاسِدَةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ.
دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ أُخْرَى مُضَارَبَةً بِالثُّلُثِ، وَلَمْ يَقُلْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَخَلَطَ الْمَالَيْنِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ وَضَعَ أَوْ نَوَى فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ، وَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا اقْتَسَمَا نِصْفَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا وَنِصْفَهُ أَثْلَاثًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ بِنَفْسِ الدَّفْعِ إلَى الثَّانِي فَإِنْ عَمِلَ بِهِ الثَّانِي فِيهِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ صَارَ الْأَوَّلُ مُخَالِفًا، وَلِرَبِّ الْمَالِ خِيَارٌ فِي تَضْمِينِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي، وَصَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ إذَا تَمَّ لِي أَلْفٌ شَارَكْتُك ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ تَصَرَّفْ بِمَا عِنْدِك لِيَحْصُلَ لَنَا شَيْءٌ قَالُوا هَذَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الرِّبْحِ فَيَكُونُ أَصْلُ الْمَالِ وَرِبْحُهُ لِلْآمِرِ وَلِلْمَأْمُورِ أَجْرٌ مِثْلُهُ.
إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك إلَّا أَنَّ مُعَامَلَةَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ، وَأَرْبَابَ الْأَمْوَالِ يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مُعَامَلَاتِ النَّاسِ إنْ غَلَبَ التَّعَارُفُ بَيْنَهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا رَجَوْت أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَيَكُونَ الْأَمْرُ مَحْمُولًا عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.
وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ شِرَاءُ شَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمُسْتَبْضَعٍ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ بَيْعُ الْمُضَارِبِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحٌ، وَلَا يَصِحُّ بِفَاحِشِ الْغَبَنِ اتِّفَاقًا وَلَوْ بِيَسِيرِهِ صَحَّ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ بِقِيمَتِهِ يَصِحُّ عِنْدَهُ أَيْضًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ قَبِلَ فِي الْعُرُوضِ ده نيم، وَفِي الْحَيَوَانِ ده يازده، وَفِي الْعَقَارِ ده دوازده وَقِيلَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ.
لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّهَا خَمْسُمِائَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
الْمُضَارِبُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدِهِ فِي الْفَنِّ الرَّابِعِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
إقْرَارُ الْمُضَارِبِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ مُسْتَهْلِكًا فَيُؤَدِّي ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ.
الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةَ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُضَارِبِ، وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ هَذِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقَاتِ مِنْ الْوَجِيزِ.
مُضَارِبٌ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِرِبْحِ أَلْفٍ فَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يُقِرَّ بِوُصُولِ الْمَالِ إلَى يَدِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِوُصُولِهِ إلَى يَدِهِ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَوْتِهِ مُجْهِلًا لِلْأَمَانَةِ كَذَا فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
الْمُضَارِبُ لَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْدَعْت مَالَ الْمُضَارَبَةِ فُلَانًا