للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى رَجُلٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا هِبَةٌ لَك، وَالْآخَرُ أَمَانَةٌ عِنْدَك فَهَلَكَا جَمِيعًا يَضْمَنُ دِرْهَمًا، وَهُوَ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ قَالَ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَجِبُ إنَّهَا تَكُونُ مَضْمُونَةً، وَذَكَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْكَبِيرَةِ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: نِصْفُهَا هِبَةٌ لَك، وَنِصْفُهَا مُضَارَبَةٌ عِنْدَك لَا يَجُوزُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ عِنْدَ الْقَابِضِ يَضْمَنُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ، وَسَلِمَ ثُمَّ إنَّ الْوَاهِبَ بَاعَ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ ذَكَرَ فِي وَقْفِ الْأَصْلِ إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نَصَّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ، وَبِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ، وَذَكَرَ عِصَامٌ إنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ.

رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ثَلَاثَةٌ لَك قَضَاءٌ مِنْ حَقِّك، وَثَلَاثَةٌ لَك هِبَةٌ، وَثَلَاثَةٌ تَصَدُّقٌ عَلَيْك قَالَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ جَائِزَةٌ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَضْمَنْ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ لَمْ يَجُزْ، وَيَضْمَنُ نَصَّ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ اهـ.

وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ: رَجُلٌ دَفَعَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ قَضَاءٌ، وَثَلَاثَةٌ هِبَةٌ، وَثَلَاثَةٌ صَدَقَةٌ فَضَاعَ الْكُلُّ يَضْمَنُ ثَلَاثَةً هِبَةً، وَلَا يَضْمَنُ ثَلَاثَةً صَدَقَةً إلَّا فِي رِوَايَةٍ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك، وَخَمْسَةٌ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً، وَهَلَكَ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا اهـ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مَرِيضٌ وَهَبَ مِنْ مَرِيضٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ الْعُقْرُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مَعَ حَقِّ الْفَسْخِ لِلْوَاهِبِ فَصَارَ كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعَةِ فَاسِدًا لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ حِلِّ الْوَطْءِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَرِيضُ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُسْتَغْرَقُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَسْخَ الْهِبَةِ بِمَعْنًى قَارَنَ الْعَقْدَ، وَهُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَانْفَسَخَتْ مِنْ الْأَصْلِ فَظَهَرَ أَنَّ الْوَطْءَ صَادَفَ مِلْكَهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ انْفَسَخَتْ بِأَمْرٍ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ بَابِ لُزُومِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ مِنْ نِكَاحِ الْوَجِيزِ.

الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُضْمَنُ فِي رِوَايَةٍ، وَصُوَرِ الْفَاسِدَةِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لِاثْنَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَلَكَاهُ قَبْلً الْقِسْمَة، وَضَمِنَاهُ، وَبِهِ يُفْتَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ يَوْمَ الْقَبْضِ اهـ.

رَجُلٌ أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ نِصْفُهُمَا لَك، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ قَالَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ جَازَ، وَيَكُونُ مُشَاعًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْت لَك، وَهُمَا فِي الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ سَوَاءٌ، وَدَفَعَهُمَا جَازَ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا لَك لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا قَالَ وَهَبْت لَك نِصْفًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَلِهَذَا الْآخَرِ نِصْفَهَا جَازَ.

رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَقِيرَيْنِ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ جَازَ كَانَا فَقِيرَيْنِ أَوْ غَنِيَّيْنِ، وَذَكَرَ فِي هِبَةِ الْأَصْلِ إذَا وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ

<<  <   >  >>