للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فَصَارَ فِي الصَّدَقَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعْرُوفٌ فَيَحْتَمِل أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ عَلَى غَنِيَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ مِنْ الْفَقِيرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ. وَلَوْ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الدَّارِ فَقَبَضَاهَا جَازَ.

عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَهَبَ لَهُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ شَيْئًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَصِحُّ أَصْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ.

يَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ إذْ الْقَبْضُ شَرْطٌ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ.

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلٍ، وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ فَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ.

امْرَأَةٌ وُهِبَتْ دَارًا مِنْ زَوْجِهَا، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا، وَمَتَاعُهَا فِيهَا، وَزَوْجُهَا سَاكِنٌ مَعَهَا فِي الدَّارِ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَيَصِيرُ الزَّوْجُ قَابِضًا لِلدَّارِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَتَاعَهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ.

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَوْ جُوَالِقًا أَوْ جِرَابًا فِيهِ طَعَامُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِهِبَةٍ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ دُونَ الْجُوَالِقِ وَالدَّارِ وَسَلَّمَ جَازَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ شَاغِلٌ غَيْرَهُ. وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخِيلٌ، أَوْ نَخِيلًا عَلَيْهَا ثَمَرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ ثَمَرٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ وَالْفَصْلِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا وَهَبَ الْبِنَاءَ دُونَ الْأَرْضِ يَجُوزُ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ اشْتَرَيْت الْأَرْضَ، وَالْبَائِعُ وَهَبَ الْبِنَاءَ لِي، وَقَالَ الشَّفِيعُ: لَا بَلْ اشْتَرَيْتهمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الصُّغْرَى، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَهَبَ الْبِنَاءَ بِأَصْلِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْعَرْصَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ.

وَلَوْ، وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ لِأَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِالْمَتَاعِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ.

وَلَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ أَوَّلًا وَسَلَّمَ الدَّارَ مَعَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ دُونَ الْمَتَاعِ أَوْ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلَ أَوْ النَّخْلَ دُونَ الثَّمَرِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ، وَالزَّرْعَ، وَالنَّخْلَ، وَالثَّمَرَ، وَسَلَّمَ الْكُلَّ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ مَا يَمْنَعُ الْقَبْضَ وَالتَّسْلِيمَ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْكُلَّ هِبَةً وَاحِدَةً وَسَلَّمَ. أَمَّا إذَا فَرَّقَ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ بِفَرْقِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ كُلُّ عَقْدٍ بِحُكْمِ فَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدَانِ جَمِيعًا مِنْ قَاضِي خَانْ.

يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَقْسُومًا مُقَرَّرًا وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ شَائِعًا، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ أَوْ سَلَّمَ جَازَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرًا بِدُونِ النَّخْلِ، وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ، وَالْجُذَاذِ فَفَعَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ

<<  <   >  >>