للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا قَبَضَ الْهِبَةَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ صَحَّ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ قَبَضَ بِدُونِ إذْنِهِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ فَصَحَّ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَنْهَهُ، وَإِنْ قَامَ الْوَاهِبُ، وَخَرَجَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَاهِبِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ، وَالتَّخْلِيَةُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ لَا تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَفِي الْهِبَةِ الْجَائِزَةِ التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ وَهَبَ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا، وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ بَقِيَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً فِي الدَّارِ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي يَدِهِ فَصَحَّ التَّسْلِيمُ، وَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ دَارًا وَغَصَبَ مَتَاعَ رَجُلٍ، وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ إنَّ الْمُعِيرَ وَهَبَ الدَّارَ مِنْهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ كَانَا فِي يَدِهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَاصِبًا ضَامِنًا لِلْمَتَاعِ بِمُجَرَّدِ التَّخْلِيَةِ لِانْتِقَالِ يَدِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ.

وَكَذَا لَوْ وَهَبَ جُوَالِقًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَتَاعِ وَخَلَّى بَيْنَ الْكُلِّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْجُوَالِقَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيمَا كَانَ فِيهِ. وَلَوْ بَاعَ مَتَاعًا فِي دَارٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ. وَلَوْ وَهَبَ الدَّارَ، وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ، وَسَلَّمَ الدَّارَ بِمَا فِيهَا ثُمَّ وَهَبَ الْمَتَاعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمَتَاعِ دُونَ الدَّارِ لِأَنَّهُ حِينَ سَلَّمَ الدَّارَ أَوَّلًا بِحُكْمِ الْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ فَإِذَا وَهَبَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ فَصَحَّتْ هِبَةُ الْمَتَاعِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا.

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ.

وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ فَاسِدَةً عِنْدَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ مِنْ كَبِيرَيْنِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمَا جُمْلَةً فَإِنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ فِي الْكَبِيرَيْنِ لَمْ يُوجَدْ الشُّيُوعُ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا فَكَمَا وَهَبَ يَصِيرُ الْأَبُ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْقَبْضِ.

رَجُلٌ وَهَبَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ.

الشُّيُوعُ حَالَةَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الْهِبَةَ، وَحَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَمْنَعُ. وَكَذَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ الْهِبَةَ، وَهُوَ بِأَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِهَا شَائِعًا أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ مُقَارِنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ بِزَرْعِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الزَّرْعَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ الْكُلِّ.

وَلَوْ وَهَبَ سَفِينَةً فِيهَا طَعَامٌ بِطَعَامِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الطَّعَامَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ابْنُ رُسْتُمَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي السَّفِينَةِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَوْضِعَ الطَّعَامِ مِنْ السَّفِينَةِ لَمْ يُقْبَضْ فَلَمْ تَصِحَّ هِبَةُ السَّفِينَةِ. وَلَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْأَبِ أَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ دَارًا، وَالْأَبُ سَاكِنٌ فِيهَا لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ.

وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً، وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَالَ: عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِي، ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْهِبَةَ جَائِزَةٌ، وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ مَعَ وَلَدِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْوَلَدَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ دَاخِلًا فِي الْهِبَةِ فَكَانَ اسْتِثْنَاءُ الْوَلَدِ شَرْطًا مُبْطِلًا، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي

<<  <   >  >>