الْهَدَايَا مِنْ مَالِ الِابْنِ بِرِضَاهُ.
بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دَرَاهِمَ، وَبَعَثَ قَوْمُ الْخَطِيبَةِ بِيَدِ الْمُتَوَسِّطَةِ ثِيَابًا بِرَسْمِ الْعِيدِيَّةِ وَقَالَتْ هِيَ لَك عِيدِيَّةٌ فَاقْطَعْهَا ثِيَابًا فَفَعَلَ، وَهُوَ بَعَثَ إلَيْهِمْ قَدْرًا مِنْ التِّينِ وَالْفَوَاكِهِ ثُمَّ فَسَدَتْ الْمُصَاهَرَةُ فَهُمْ يَتَحَاسَبُونَ، وَيَتَرَادُّونَ الْفَضْلَ، وَلَا يَتَرَادُّونَ مَا أَنْفَقُوا فِي الضِّيَافَاتِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ فِي بَلَدِنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَاطِبُ أَنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ كَذَا، وَإِلَى بَنَاتِ الْخَطِيبَةِ كَذَا، وَيَتَّخِذُ أَبُوهَا ثِيَابًا لَهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، وَتَفَرَّقَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْسِبَ مَا بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ ثِيَابًا.
وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى أَهْلِ خَطِيبَتِهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ نَقَدْتهَا مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَالَ اصْرِفُوا بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى أُجْرَةِ الْحَائِكِ، وَبَعْضَهَا إلَى ثَمَنِ الشِّيَاهِ وَالْحِنَّاءِ وَالشَّمْعِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَاصِلُ جَوَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا بَعَثَ الدَّنَانِيرَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَهْرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا.
بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان، وَزَفَّهَا الْأَبُ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِ الْمَبْعُوثِ جِهَازًا. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِجِهَازِ مِثْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ دستيمان، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَجَمَالِ الدِّينِ الزيغد مَوْلَى وَبُرْهَانِ الدِّينِ وَالِدِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَبَ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فِي عُرْفِهِمْ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِي بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَهِّزْ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ زَمَانًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ.
صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيِهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا، وَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا فَلَيْسَ لِأَخَوَاتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مِنْ الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ مِنْ التُّرْكُمَانِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الدَّمُ ويردم الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي عُرْفِهِمْ فِي قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم أَنَّهُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَفِي قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّمُ يُفْهَمُ إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَمَا يُعْطِي الْخَاطِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرَسًا يُسَمُّونَهُ بأشلق مَعْنَاهُ حَقُّ التَّرْبِيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَبِيهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُسَمُّونَهُ سُود حَقِّي مَعْنَاهُ حَقُّ الْإِرْضَاعِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُمِّهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ قفتا نلق مَعْنَاهُ حَقُّ الْقَبَاءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُخْتِهَا، وَكُلُّ مَا يَدْفَعُ الْخَاطِبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمَدْفُوعِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا، وَهُوَ الْفَرَسُ وَالثِّيَابُ وَالدَّرَاهِمُ بَعْدَ جَرَيَانِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَرِيرِيُّ النَّخَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَمَا دَفَعَهُ إلَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُ الْوَلِيِّ ويردم وَقَوْلُ الْخَاطِبِ الدَّم فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عُرْفِهِمْ مِنْ قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَمِنْ قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّم إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute