للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَكُلُّ مَا يُرْسِلُهُ الْخَاطِبُ إلَى بَيْتِ الْمَخْطُوبَةِ مِمَّا يَتَسَارَعُ فِيهِ الْفَسَادُ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَمَا يُرْسِلُهُ سِوَى ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عُرْفِ التُّرْكُمَانِ، وَمَنْ يُجَاوِرُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بَلَدِ الرُّومِ، وَالْهَدِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْخَاطِبِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهَا مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ فِي تَسْلِيمِ الثِّيَابِ الْخَتْنَ مَا أَجَابَ بِهِ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الثِّيَابُ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بِاسْمِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِ الْخَتْنِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ إلَيْهِ لِلرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِرْدَادِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ وَضَعُوا فِي الْجِهَازِ ثِيَابًا بِاسْمِ أَخِ الْخَتْنِ، وَحُمِلَتْ مَعَ ثِيَابِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِهِ لَا يَثْبُتُ لِأَخِيهِ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا.

امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ إبْرَيْسَمٍ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ.

قَالَ لِخَتْنِهِ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك مَتَاعًا، وَلِأَهْلِك دِيبَاجًا فَفَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَالَ لَهُ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك عَلَيْهِ.

أَرْسَلَ إلَى خَتْنه ثِيَابًا فَقَبَضَهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إذَا خَاطَهَا الْخَتْنُ.

دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِ بِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَكَانَ سَاكِتًا، وَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ، وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ.

بَعَثَ عِنْد الْخِطْبَةِ إلَيْهَا أَشْيَاءَ مَرْسُومَةً فِيهَا دِيبَاجٌ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ آخُذُ الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهَا جَبْرًا إذَا بَعَثَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ.

زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ، وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ تَمْلِيكٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ. وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَهَا ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتهَا بِمَا لَهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ بَلْ بِمَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْبِنْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ كَانَ لِأُمِّك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَاِتَّخَذْت الْجِهَازَ بِهَا وَقَالَتْ بَلْ مِنْ مَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَيْنَ الْبِنْتِ عَلَى الْأَبِ مَعْلُومٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ عَنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا عُرِفَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَكِنْ مَعَ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ قَالَ لِلْقَاضِي بِعْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ، وَغَابَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ يَبِيعُهُ الْقَاضِي، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ لِلْغَائِبِ إنَّمَا ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ مَعْلُومًا لَا يَبِيعُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَفِي قَاضِي خَانْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُوهَا مَتَاعًا فَقَالَ الزَّوْجُ مَا بَعَثْته مَهْرٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ حَلَفَ فَلِلْمَرْأَةِ رَدُّ الْمَتَاعِ لَوْ قَائِمًا، وَإِلَّا تَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا، وَتَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَلَوْ قِيَمِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّتِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا رَدُّ قِيمَةِ قِيَمِيٍّ هَلَكَ لِتَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِ الْمَدْفُوعِ مِنْ الْمَهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا رَدُّهُ قَائِمًا، وَرَدُّ قِيمَتِهِ هَالِكًا لِتَصِلَ إلَى حَقِّهَا قَالَ قَاضِي خَانْ، وَأَمَّا مَا بَعَثَهُ أَبُوهَا

<<  <   >  >>