فَلَوْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَائِمًا، وَبَعَثَ الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ بَعَثَهُ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا لَا تَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا رُجُوعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا بَعَثَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ هَالِكًا لِأَنَّهُ بَعَثَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ مِنْ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ رُجُوعُهُ قُلْتُ: وَنِعْمَ مَا قَالَ.
لَوْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ مُدَّةً فَتَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِفَرْضِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا فَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي، وَأَخَذَتْهَا، وَأَكَلَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَا لَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِإِبَاحَتِهِ.
أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَا وَقِيلَ: إنَّمَا يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِأَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَيْك بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِي بِي، وَإِلَّا فَأَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا أُنْفِقُ، وَلَا يَرْجِعُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَا لَوْ تَزَوَّجَتْ سَوَاءٌ شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا هَذَا لَوْ أَنْفَقَ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا شَرْطٍ، وَلَكِنْ عُلِمَ عُرْفًا أَنَّهُ يُنْفِقُ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ قِيلَ: يَرْجِعُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَمَشْرُوطٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، وَهَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَمَّا لَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ.
قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ فِي كَرَمْيِ هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِبِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ قِيلَ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقِيلَ لَا. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطِ الْأَبِ، وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْمَلُ طَمَعًا فِي التَّزَوُّجِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ مَعَك كَذَا فَأَبَى.
عَجَّلَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَرُجُوعِ الْهِبَةِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَبْتُوتَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ سَنَتَيْنِ، وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الزِّنَا إنْ ثَبَتَ لَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ، وَعِنْدَهُمَا تَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِآخَرَ، وَالْوِلَادَةُ مِنْهُ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْحَقَائِقِ.
أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُعَدَّلْ الشُّهُودُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ إنْ أَخَذَتْ بِفَرْضِ الْقَاضِي، وَبِغَيْرِهِ لَا يَرْجِعُ، مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْأَقْضِيَةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَدْخُولَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فَإِنِّي أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا سِتْرًا بِخِلَافِ مُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ حَيْثُ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ يُفْرَضُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ قَدْرُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَسَوَاءٌ ادَّعَتْ هِيَ الطَّلَاقَ أَوْ جَحَدَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهَا كَالنَّاشِزَةِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْهُ، وَمَا أَكَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا بِفَرْضِ الْقَاضِي فَهُوَ تَبَرُّعٌ فَلَا يَسْتَرِدُّ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute