ذلك عليهم، وخوف الهلاك من ممدة الازدحام أو المشقة والحرج.
ويمكن أن يجاب عن هذه الشبهة بما أجيب به عن الأولى، ويضاف إلى ذلك أن الحاج إذا وكل شخصا يشتري عنه هديا ويذبحه ويوزعه على المستحقين على الصفة الشرعية- فقد خرج بذلك عن عهدة الهدي، وصارت العهدة على من صار وكيلا للقيام بالشراء والذبح والتصدق، فإن هذا مما يجوز التوكيل فيه شرعا.
الشبهة الثالثة: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبالتالي فإن هذا درء للمفاسد عن الأمة وجلب لمصالحها.
ويجاب عن هذه الشبهة بما أجيب به عن الشبهة الأولى، ويضاف إلى ذلك:
أولا: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لكن لا يصح أن يقال: أن ذبح الهدايا مفسدة، وأن درءها بما ذكروه من إلغاء هذه الشعيرة والتصدق بثمنها؛ لأن من القواعد المقررة في الشريعة: أن المفاسد درجات، وأن المصالح درجات، وأنه يجوز تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وارتكاب أخف المفسدتين لاجتناب كبراهما، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح فيما ليس فيه دليل شرعي، وفيما إذا كانت المفسدة أرجح من المصلحة وما نحن فيه ليس كذلك، بل قام الدليل على خلافه، والمصلحة أرجح مما ظن مفسدة بتحريف النصوص عن مواضعها ومقاصدها.
ثانيا: أن هذا يفتح باب تلاعب في الشريعة، فلا يكون للنصوص قيمة، وإنما القيمة لما يصدر من سفهاء العقول من تصورات يزعمون أنها مصالح