للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا بعد ممن توهمه؛ لأن المعدلين وإن كثروا ليسوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون، ولو أخبروا بذلك، وقالوا: نشهد أن هذا لم يقع منه لخرجوا بذلك من أن يكونوا أهل تعديل أو جرح؛ لأنها شهادة باطلة على نفي ما يصح ويجوز وقوعه وإن لم يعلموه فثبت ما ذكرناه. وقال أيضا: والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما.

وقد أبطل ابن القيم - رحمه الله - حديث أم سلمة بما ثبت في [الصحيحين] عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: «استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة: أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة، قالت: فأذن لها، فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه، ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة أحب إلي من مفروح به (١) » .

وجه الدلالة: أن الحديث الصحيح يبين: أن نساءه غير سودة إنما دفعن معه.

وقد رد هذا الاستدلال بما رواه الدارقطني وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمر نساءه أن يخرجن من جمع ليلة جمع، فيرمين الجمرة، ثم تصبح في منزلها، وكانت تصنع ذلك حتى ماتت (٢) » .

وقد أجاب ابن القيم - رحمه الله - عن هذا الرد فقال: يرده محمد بن حميد أحد رواته، كذبه غير واحد، ويرده أيضا: حديثها الذي في [الصحيحين] وقولها: (وددت أني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة) .


(١) [زاد المعاد] (١\٤٧٠، ٤٧١) .
(٢) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>