للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقشة:

أ- إن كان المراد بالفطرة في نظر دعاة تحديد النسل: طبيعة الأحياء وخواصهم وغرائزهم التي أودعت فيهم لتقوم الحياة ويعمر الكون - فما ذكروه مبررا لتحديد النسل أو تنظيمه مناقض للفطرة، وحرب على ما أودعه الله في الإنسان من طبائع وخواص، فإن الإنسان مجبول على الرغبة الملحة في التزاوج، مجبول على حب التناسل، تواقة نفسه إلى الذرية مسلما كان أو كافرا، حتى إن من حرم الذرية أو أصيب فيما رزق منها بآفات قضت عليها ليكاد يتقطع أسى وحسرة على ما فاته من نعمة الذرية، واعتبر ذلك بلاء نزل به، وقضى على سعادته، إلا من عصمه الله بالإيمان ورضي بقضاء الله وقدره فيه، ومن آتاه الله الذرية عد نفسه سعيدا، وتجلت فيه عاطفة الأبوة أو الأمومة وحنانها، وبذل جهده فيما يلزم لسعادة أولاده مع ارتياح ورحابة صدر، وسهر الليالي لسهرهم؛ عملا على راحتهم، وتحقيقا لمصلحتهم.

وبهذا اتضح أي الأمرين جرى على سنن الفطرة، ومقتضى الطبيعة البرية، الإبقاء على النسل وعدم الوقوف في طريق ازدياده، أم العمل على منعه والقضاء عليه بعد الحمل بإجهاض ونحوه. أضف إلى ذلك ما في كلامهم من الزيغ، حيثما نسبوا إلى فطرة الأحياء وطبائعهم تحديد النسل أو تنظيمه بالعقم أو بالموت والقضاء على كثير من أسباب التناسل، وذلك لا يصدر إلا عن جاهل فاسد العقيدة، قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} (١) {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (٢)


(١) سورة الشورى الآية ٤٩
(٢) سورة الشورى الآية ٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>