للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (١)

ب- وإن زعموا أن المراد بالفطرة: ما يسمى في شريعة الإسلام بالله رب العالمين: ففيه أولا: سوء أدب في التعبير، وثانيا: التدخل في شأن من شئون الله وحده، وليس مما يعود إليهم تدبيره، وثالثا: قياس في تقديرهم لتحديد النسل على الله في تدبيره وتعريفه لشئون عباده، وشتان ما بين عبد مملوك خطاء قاصر الفكر والتقدير والتدبير. إلخ، ورب حكيم، له كمال القدرة وإحكام التدبير، وله الخلق والأمر، وكمال الاختيار، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد. إلخ.

لقد فشلت نظرية تحديد النسل أول الأمر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؛ لمناقضتها مقتضى الفطرة وطبيعة البشر، وبنائها على الخرص والتخمين الذي كذبه الواقع، ولإفضائها إلى نتائج خبيثة، وعواقب وخيمة، ومضار فادحة، كما سيجيء بيانه في مضار الوسائل التي تتخذ لذلك، ولم يكتب لها الانتشار إلا بكثرة الدعاية والتلبيس على الناس ومصادفة هوى عند عباد الشهوات ومن يفرون من تحمل المسئوليات، ويحرصون على نزواتهم دون المصالح العامة مع عوامل أخرى؛ كالتقدم الصناعي، وإقبال الناس على الصناعة، وانتقالهم إلى المدن لذلك، وزهدهم في الزراعة وانغماس الناس في الترف والنعيم، وكثرة الكماليات، والأثرة المادية، فارتفعت الأسعار، وكثرت التكاليف، وعمل كل لنفسه بدافع غريزة حب التملك، وخرجت المرأة إلى ميدان العمل، وكرهوا تحمل أعباء نفقة الأولاد ورعايتهم، ولم يلبث الأمر أن انكشف الستار وظهرت الحقيقة للمفكرين


(١) سورة يونس الآية ٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>