للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق، فقال له عمر: (إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا) وأجاب الشافعي وموافقوه بما رواه فقال: حدثنا الدراوردي، عن داود بن صالح التمار عن القاسم بن محمد، عن عمر: أنه مر بحاطب بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأل عن سعرهما؟ فسعر له مدين لكل درهم، فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك. فإما أن ترفع السعر، وأما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت، فلما رجع عمر حاسب نفسه. ثم أتى حاطبا في داره فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع.

قال الشافعي: هذا الحديث مقتضاه ليس بخلاف ما رواه مالك، ولكنه روى بعض الحديث أو رواه عنه من رواه، وهذا أتى بأول الحديث وآخره، وبه أقول، لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها أو شيئا منها بغير طيب أنفسهم، إلا في المواضع التي تلزمهم، وهذا ليس منها، قلت: وعلى قول مالك قال أبو الوليد الباجي: الذي يؤمر من حط عنه أن يلحق به هو السعر الذي عليه جمهور الناس، فإذا انفرد منهم الواحد والعدد اليسير بحط السعر أمروا باللحاق بسعر الجمهور؛ لأن المراعى حال الجمهور، وبه تقوم المبيعات.

وروى ابن القاسم عن مالك لا يقام الناس لخمسة. قال: وعندي أنه يجب أن ينظر في ذلك إلى قدر الأسواق، وهل يقام من زاد في السوق - أي: في قدر المبيع - بالدرهم مثلا كما يقام من نقص منه؟ قال أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>