الحسن بن القصار المالكي: اختلف أصحابنا في قول مالك لكن من حط سعرا فقال البغداديون: أراد من باع خمسة بدرهم والناس يبيعون ثمانية، وقال قوم من المصريين: أراد من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة. قال: وعندي أن الأمرين جميعا ممنوعان؛ لأن من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة أفسد على أهل السوق بيعهم، فربما أدى إلى الشغب والخصومة ففي منع الجميع مصلحة، قال أبو الوليد: ولا خلاف أن ذلك حكم أهل السوق.
وأما الجالب ففي كتاب محمد: لا يمنع الجالب أن يبيع في السوق دون الناس، وقال ابن حبيب: ما عدا القمح والشعير إلا بسعر الناس وإلا رفعوا، قال: وأما جالب القمح والشعير فيبيع كيف شاء إلا أن لهم في أنفسهم حكم أهل السوق، إن أرخص بعضهم تركوا، وإن كثر المرخص قيل لمن بقي: إما أن تبيعوا كبيعهم، وإما أن ترفعوا، قال ابن حبيب: وهذا في المكيل والموزون مأكولا أو غير مأكول، دون ما لا يكال ولا يوزن، لأن غيره لا يمكن تسعيره؛ لعدم التماثل فيه. قال أبو الوليد: يريد إذا كان المكيل والموزون متساويا، فإذا اختلف لم يؤمر بائع الجيد أن يبيعه بسعر الدون.
قلت: والمسألة الثانية التي تنازع فيها العلماء في التسعير: أن يحد لأهل السوق حدا لا يتجاوزونه مع قيام الناس بالواجب فهذا منع منه جمهور العلماء. حتى مالك نفسه في المشهور عنه، ونقل المنع أيضا عن ابن عمر ولسالم والقاسم بن محمد، وذكر أبو الوليد عن سعيد بن المسيب وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعن يحيى بن سعيد أنهم أرخصوا فيه، ولم