للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجرة عليه، والناس يحتاجون إليه، فأوجب بذله مجانا ومنع من أخذ الأجرة عليه، وفي [الصحيحين] عنه: أنه قال: «لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره (١) » .

ولو احتاج إلى إجراء مائه في أرض غيره، من غير ضرر لصاحب الأرض فهل يجبر على ذلك؟ روايتان عن أحمد، والإجبار: قول عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، وقد قال جماعة من الصحابة والتابعين (أن زكاة الحلي عاريته، فإذا لم يعره فلا بد من زكاته) ، وهذا وجه في مذهب أحمد، قلت: وهو الراجح، وأنه لا يخلو الحلي من زكاة أو عارية، والمنافع التي يجب بذلها نوعان منها: ما هو حق المال، كما ذكرنا في الخيل، والإبل، والحلي، ومنها: ما يجب لحاجة الناس.

وأيضا: فإن بذل منافع البدن تجب عند الحاجة، كتعليم العلم، وإفتاء الناس، والحكم بينهم وأداء الشهادة، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من منافع الأبدان، وكذلك من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة وجب عليه أن يخلصه، فإن ترك ذلك- مع قدرته عليه- أتم وضمنه، فلا يمتنع وجوب بذل منافع الأموال للمحتاج، وقد قال تعالى.

{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (٢) وقال: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} (٣)


(١) صحيح البخاري المظالم والغصب (٢٤٦٣) ، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٩) ، سنن الترمذي الأحكام (١٣٥٣) ، سنن أبو داود الأقضية (٣٦٣٤) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٣٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٢٧) ، موطأ مالك الأقضية (١٤٦٢) .
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>