للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد جرى بيننا وبين بعض إخواننا طلبة العلم بحث في مسألة التسعير وحكمه، ورغب إلي الكتابة فيه، فاستفتيت الله تعالى وأمليت فيها ما يلي: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

فغير خاف أن التسعير من المسائل التي اختلف في حكمها العلماء.

فذهب جمهورهم إلى منعه مطلقا، مستدلين على ذلك بما روى أبو داود وغيره، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله، سعر لنا، فقال: بل أدعو الله ثم جاء رجل فقال: يا رسول الله، سعر لنا، فقال. بل الله يرفع ويخفض، وإني لأرجو أن ألقى الله وليست لأحد عندي مظلمة (١) » وبما روى أبو داود والترمذي وصححه، عن أنس قال: «غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا. يا رسول الله، لو سعرت فقال: " إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة (٢) » .

وهذا قول الشافعي، وهو قول أصحاب الإمام أحمد؛ كأبي حفص العكبري، والقاضي أبي يعلى، والشريف أبي جعفر، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وغيرهم، قال في [الشرح الكبير] : وليس للإمام أن يسعر على الناس، بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون، وهذا مذهب الشافعي، وكان مالك يقول: يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس: بع كما يبيع الناس وإلا فاخرج عنا، احتج بما روى الشافعي وسعيد بن منصور عن داود بن صالح عن القاسم بن محمد عن عمر، أنه مر بحاطب في سوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعر له


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٥٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٣٧) .
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٣١٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٤٥١) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٨٦) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>