للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدين بكل درهم، فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت؛ لأن في ذلك إضرارا بالناس إذا زاد، وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع.

ولنا ما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه، أنه غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، غلا السعر فسعر لنا، فقال: «إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال (١) » .

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وعن أبي سعيد مثله.

فوجه الدلالة من وجهين:

أحدهما: أنه لم يسعر، وقد سألوه، ذلك ولو جاز لأجابهم إليه.

والثاني: أنه علل بكونه مظلمة والظلم حرام إلى آخر ما ذكره.

وأجابوا عن منع عمر رضي الله عنه حاطب بن أبي بلتعة: أن يبيع زبيبه بأقل من سعر السوق، بأن في الأثر: أن عمر لما رجع حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع. وقالوا بعد ذلك في توجه المنع: بأن الناس مسلطون على أموالهم فإجبارهم على بيع لا يجب، أو منعهم مما يباح شرعا ظلم لهم، والظلم حرام، فالتسعير بمثابة الحجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري، برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكن الفريقين


(١) سنن الترمذي البيوع (١٣١٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٤٥١) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٨٦) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>