من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}(١) وذهب بعضهم: إلى جواز التسعير إذا كان للناس سعر غال فأراد بعضهم أن يبيع بأغلى من ذلك أو بأنقص.
واحتجوا: بما رواه مالك في [موطئه] عن يونس بن سيف، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له في بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا، قال مالك: لو أن رجلا أراد فساد السوق فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال له: إما لحقت بسعر الناس، وإما رفعت، وأما أن يقول للناس كلهم، يعني: لا تبيعوا إلا بسعر كذا فليس ذلك بالصواب.
كما ذهب بعضهم: إلى أن للإمام أن يحد لأهل السوق حدا لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب، روى أشهب عن مالك: في صاحب السوق يسعر على الجزارين لحم الضأن بكذا، ولحم الإبل بكذا، وإلا أخرجوا من السوق، قال: إذا سعر عليهم قدر ما يرى من شرائهم فلا بأس به، ولكن لا يأمرهم أن يقوموا من السوق.
واحتجوا على جواز ذلك: بأن فيه مصلحة للناس بالمنع من غلاء السعر عليهم، ولا يجبر الناس على البيع، وإنما يمنعون من البيع بغير السعر الذي يحده ولي الأمر على حسب ما يرى من المصلحة فيه للبائع والمشتري.