للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: أنه إذا كان الشارع يوجب إخراج الشيء عن ملك مالكه بعوض المثل، لمصلحة تكميل العتق، ولم يمكن المالك من المطالبة بالزيادة على القيمة، فكيف إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم، وهم إليها أضر؟ مثل: حاجة المضطر إلى الطعام والشراب واللباس وغيره.

وهذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من تقويم الجميع قيمة المثل: هو حقيقة التسعير (١) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه على التسعير في الجزء الثامن والعشرين من [فتاواه الكبرى] .

والمقصود هنا: أنه إذا كانت السنة قد مضت في مواضع بأن على المالك أن يبيع ماله بثمن مقدر، إما بثمن المثل، وإما بالثمن الذي اشتراه به - لم يحرم مطلقا تقدير الثمن، ثم إن ما قدر به النبي صلى الله عليه وسلم في شراء نصيب شريك المعتق هو لأجل تكميل الحرية، وذلك حق الله، وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله ... إلى أن قال: وحاجة المسلمين إلى الطعام واللباس وغير ذلك من مصلحة عامة، ليس الحق فيها لواحد بعينه، فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية.... إلى أن قال: وأبعد الأئمة عن إيجاب المعاوضة وتقديرها هو الشافعي، ومع هذا فإنه يوجب على من اضطر الإنسان إلى طعامه أن يعطيه بثمن المثل. وتنازع أصحابه في جواز التسعير للناس إذا كان بالناس حاجة، ولهم فيه وجهان. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا ينبغي


(١) [الطرق الحكمية] لابن قيم الجوزية- تحقيق\ محمد حامد الفقي، ص٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>