فتعمل فيه التذكية، قال القاضي: والحق أن ما حرم أو حرموه على أنفسهم هو في وقت شريعة الإسلام أمر باطل إذ كانت ناسخة لجميع الشرائع، فيجب أن لا يراعى اعتقادهم في ذلك ولا يشترط أيضا أن يكون اعتقادهم في تحليل الذبائح اعتقاد المسلمين ولا اعتقاد شريعتهم؛ لأنه لو اشترط ذلك لما جاز أكل ذبائحهم بوجه من الوجوه؛ لكون اعتقاد شريعتهم في ذلك منسوخا واعتقاد شريعتنا لا يصح منهم ـ وإنما هذا حكم خصهم الله تعالى به فذبائحهم ـ والله أعلم ـ جائزة على الإطلاق، وإلا ارتفع حكم آية التحليل جملة، فتأمل هذا فإنه بين والله أعلم. ا. هـ.
والأمر كما قال القاضي رحمه الله تعالى، ومراده بذبائحهم: مذكاهم كيفما كانت تذكيته عندهم.
وقد تقدم تحقيق معنى التذكية، وأنها عبارة عن قتل الحيوان بقصد أكله، وأقوال علماء السلف ومحققي المالكية في ذلك، فلله در مالك والمالكية، إن كلامهم في هذه المسألة أظهر من كلام مخالفهم دليلا، وأليق بيسر الحنيفية السمحة.
ومن العجائب: أن كثيرا من الناس يحبون أن تكون الشريعة عسرا لا يسرا، وحرجا لا سعة، وإن هم لم يلتزموها إلا فيما يوافق أهواءهم، فمن شدد على نفسه فذاك ذنب عقابه فيه، ومن شدد على الأمة حثونا التراب في فيه، والله أعلم وأحكم.