للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طعامهم: ذبائحهم، وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير والحسن وإبراهيم النخعي، ولا يمكن أن يكون المراد بطعامهم التمر والحب ونحوهما فقط؛ لأن قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (١) لفظ عام فتخصيصه بالتمر والحب ونحوهما خروج عن الظاهر بلا دليل، ولأن التمر ونحوه من الطعام حلال لنا من أهل الكتاب وغيرهم، فلو حملت الآية عليه لم يكن لتخصيصه بأهل الكتاب فائدة.

وأما السنة: فقد ثبت في [صحيح مسلم] (٢) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن امرأة يهودية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة مسمومة وأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك فقال: ما كان الله ليسلطك على ذاك (٣) » وفي [مسند الإمام أحمد] عن أنس أيضا: «أن يهوديا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه (٤) » ، والإهالة السنخة: ما أذيب من الشحم والإلية وتغيرت رائحته، وفي [صحيح البخاري] عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: «كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لأخذه، فالتفت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحييت منه (٥) » ، وفي رواية لمسلم عنه قال: «أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته، فقلت: لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا فالتفت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبتسما» . فهذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإقراره في حل ذبائح أهل الكتاب.

وأما الإجماع: فقد حكى إجماع المسلمين على حل ذبائح أهل الكتاب


(١) سورة المائدة الآية ٥
(٢) [صحيح مسلم] (٧\١٤) ط \ صبيح.
(٣) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٦١٧) ، صحيح مسلم السلام (٢١٩٠) ، سنن أبو داود الديات (٤٥٠٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢١٨) .
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٣/٢١١) .
(٥) صحيح البخاري فرض الخمس (٣١٥٣) ، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٧٢) ، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٥) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٧٠٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٥٦) ، سنن الدارمي السير (٢٥٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>