للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي (١) : الصحيح - إن شاء الله - الذي يدل عليه النظر والخبر: أن الصلاة بكل موضع طاهر جائزة صحيحة، وما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا واد به شيطان (٢) » ، وقد رواه معمر عن الزهري فقال: واخرجوا عن الموضع الذي أصابتكم فيه الغفلة، وقول علي: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة (٣) » وقوله عليه الصلاة والسلام حين مر بالحجر من ثمود: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين (٤) » ، ونهيه عن معاطن الإبل. . إلى غير ذلك مما في هذا الباب، فإنه مردود إلى الأصول المجتمع عليها، والدلائل الصحيح مجيئها.

قال الإمام الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: المختار عندنا في هذا الباب: أن ذلك الوادي وغيره من بقاع الأرض جائز أن يصلى فيها كلها ما لم تكن فيه نجاسة متيقنة تمنع من ذلك، ولا معنى لاعتلال من اعتل بأن موضع النوم عن الصلاة موضع شيطان، وموضع ملعون لا يجب أن تقام فيه الصلاة، وكل ما روي في هذا الباب من النهي عن الصلاة في المقبرة وبأرض بابل وأعطان الإبل، وغير ذلك مما في هذا المعنى - كل ذلك عندنا منسوخ ومرفوع؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا (٥) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم مخبرا أن ذلك من فضائله ومما خص به، وفضائله عند أهل العلم لا يجوز عليها النسخ ولا التبديل ولا النقص - قال صلى الله عليه وسلم «أوتيت خمسا (٦) » وقد روي: «ستا» وقد روي «ثلاثا» و «أربعا (٧) » وهي تنتهي إلى أزيد من تسع. قال فيهن: «لم يؤتهن أحد قبلي: بعثت إلى


(١) [الجامع لأحكام القرآن] (١٠ \ ٤٨، ٤٩) ، تفسير سورة الحجر.
(٢) موطأ مالك وقوت الصلاة (٢٦) .
(٣) سنن أبو داود الصلاة (٤٩٠) .
(٤) صحيح البخاري الصلاة (٤٣٣) ، صحيح مسلم الزهد والرقائق (٢٩٨٠) .
(٥) صحيح البخاري التيمم (٣٣٥) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٢١) ، سنن النسائي المساجد (٧٣٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٠٤) ، سنن الدارمي الصلاة (١٣٨٩) .
(٦) مسند أحمد بن حنبل (٥/١٤٥) ، سنن الدارمي كتاب السير (٢٤٦٧) .
(٧) صحيح البخاري الإيمان (٣٤) ، صحيح مسلم الإيمان (٥٨) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣٢) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٢٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٨٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>