للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما ذكر من التدوين ولا إلى إلزام القضاة بقول معين، أما اليوم وقد صار أمر الناس إلى خلاف ذلك، فالحاجة ملحة، والضرورة إلى التدوين على الطريقة المقترحة والإلزام بالحكم بمقتضى ما دون- أمر لا بد منه؛ رعاية للمصلحة، وحفظا لحقوق الأمة، وإبقاء على العمل بأحكام الشريعة في المحاكم الشرعية.

ويقال أيضا: إن الخطأ في الفصل في الخصومات وإن كان لا يزال متوقعا بعد الاقتصار على القول الراجح إلا أنه أقل وأخف خطرا؛ لأنه بالتزام العمل بالقول الراجح تنحصر الأخطاء في تطبيقه على الوقائع بعد تحقيقها وتشخيصها، ومن المعلوم شرعا: أن المفاسد إذا لم يمكن القضاء عليها وجب بذل الجهد لتقليلها.

ثانيا: استدل من قال بجواز الإلزام بأدلة من الكتاب والسنة والآثار:

أ- أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (١) فأمر سبحانه بطاعة أولي الأمر، وهم: الأمراء والعلماء، وقرن حق طاعتهم بحق طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا أن حق طاعة الله وطاعة رسوله عام في كل شيء وفي كل حال، وحق طاعة أولي الأمر خاص بالمعروف، فتجب طاعتهم فيما وافق الكتاب والسنة، وفيما لم يكن فيهما لكنه لم يتعارض معهما إذا أمروا به؛ رعاية للمصلحة.

ونوقش ذلك: بما تقدم بيانه من أن طاعتهم فيما وضح حكمه، واتفقت عليه الأمة، أما ما اشتبه أمره واختلف فيه العلماء فالمرجع في فصل النزاع


(١) سورة النساء الآية ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>