للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه الكتاب والسنة بدليل قوله تعالى في نفس الآية: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١) الآية، ولذا استدل علماء الأصول بهذه الآية على حجية الإجماع، وبذلك تكون الآية دليلا على المنع لا على الجواز، واستدلوا أيضا بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٢) وقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (٣) فأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستشير أصحابه في الأمر ينزل به أو بالمسلمين، وأثنى على خيار المؤمنين بأن من شأنهم أن يتشاوروا بينهم، وقرن ذلك بثنائه عليهم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وبالتناصر عند البغي عليهم؛ ردا للعدوان، ونصرة للحق، وغير هذا من الأفعال الواجبة، والصفات الحميدة، ولا شك أن القضاء والفصل في الخصومات من أهم شئون المسلمين فينبغي تعاون القضاة مع كبار العلماء في حل مشاكل القضاء والعمل بمشورتهم، ليكون القاضي على بصيرة فيما يحكم به بدلا من أن يستقل في ذلك بنفسه، فيكون عرضة لكثرة الخطأ والتناقض في أحكامه، ويكفيه أن يتحمل مشقة البحث في تشخيص القضايا وعناء تطبيق ما اختاره كبار العلماء من الأقوال على الوقائع والقضايا الجزئية بعد تحقيقها.

ب- وأما السنة: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في شئونه وشئون الأمة، من ذلك أنه استشار الصحابة في أمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما هو معروف في قصة الإفك، ومنها استشارته إياهم في غزواته:


(١) سورة النساء الآية ٥٩
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٣) سورة الشورى الآية ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>