يرفع لهم من القضايا، وأن ذلك ربما كان من أجل عدم وجود كتاب على قول واحد يحكم به القضاة ويتعرف الناس منه أحكام المعاملات؛ ليوفقوا بينها وبين أعمالهم عند الإقدام على عمل ما حتى لا يقعوا فيما يعرضهم للحكم عليهم عند حدوث ترافع قضائي، وأنه قد يدعو إلى تهرب بعض الناس من رفع قضاياهم للمحاكم الشرعية في المملكة والذهاب بها لمحاكم في دول أجنبية.
من أجل هذا، وحرصا من جلالة الملك - وفقه الله - على صيانة الشريعة وبقاء الحكم بها بين الناس أمر - حفظه الله - بعرض موضوع التدوين المشار إليه لإلزام القضاة والحكم به على هيئة كبار العلماء؛ ليبينوا حكم الشريعة في جواز ذلك أو عدمه.
ثانيا: يحسن أن نذكر شيئا مما من الله به على هذه البلاد من باب التحدث بنعمة الله التي غمرنا بها - فنقول: إنه غير خاف على أحد من أهل المعرفة ما كانت عليه بلادنا قبل تأسيس هذه الدولة المباركة من الفوضى والاضطراب، واللصوصية المغرقة، والخوف المتفاقم والفرقة المتمكنة، حتى هيأ الله سليل بيت المجد والسؤدد: الملك عبد العزيز - رحمه الله - فقام بلم شعثها، وجمع شملها المتفرق، وبناء كيانها على أساس من منهج السلف الصالح الذي ورثه عن آبائه الكرام حماة الدعوة السلفية، وبناة حصونها في هذه البلاد، وهذه الدعوة وهي الدعوة التي دعا إليها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فضرب الأمن في ربوع الجزيرة أطنابه بعد أن كان مفقودا، وانتشر العدل بين الناس، وأمنوا على أنفسهم وأموالهم، واتصلوا بالعالم الخارجي اتصالا واسعا، وعرفت حال البلاد عند سائر الدول،