وتعامل أهلها مع أولئك منذ مدة طويلة والبلاد في تقدم مستمر ولله الحمد، لم يضرها بقاؤها في منهاج القضاء على ما كان عليه السلف الصالح - رحمهم الله وفهم نظامها القضائي لدى سائر أمم الأرض المتحضرة، واشتهر الأمن فيها حتى صار مضرب المثل ومثار العجب عند كل مصنف، رغم اتساع رقعة البلاد وعدم تعلم غالبية أهلها، وما ذاك إلا بفضل الله سبحانه، ثم بفضل تمسك هذه الدولة بشريعة الإسلام وسيرها على محجة سلف الأمة الذين نشروا الإسلام وساسوا العباد بالعدل وحكموا فيهم الشرع، وفوضوا إلى قضاتهم الحكم بما فهموه من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما استنبطه العلماء منها فصلحت بذلك أحوالهم، واستقامت أمورهم، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. وقد اشتهرت نزاهة القضاء في بلادنا ولله الحمد، وعدالته وبساطته، ومسايرته للفطرة، وتمشيه مع مقتضى المصلحة الحقة، حتى صار معلوما عند الموافق والمخالف، ولا يسعنا إزاء هذه النعمة العظيمة التي من الله علينا بالتمسك بها حين تخلى عنها الأكثرون إلا أن نشكره جل وعلا، ونسأله أن يثبتنا على ما نحن عليه من الحق، ويرزقنا الإعانة والتوفيق.
ثالثا: نظرت الهيئة في الموضوع، فرأت أن دواعي الإصلاح قائمة، وأنه لا بد من إيجاد حل للمشكلة، وإصلاح لما تخشى عواقبه، غير أن الهيئة بأكثريتها ترى: أنه لا يجوز تدوين الأحكام على الوجه المقترح لإلزام القضاة الحكم به؛ لأنه ليس طريقا للإصلاح، ولا يحل المشكلة، ولا يقضي على الخلاف في الأحكام، أو على ظنون بعض الناس في القضاة ما دام هناك محكوم عليه، لأن اتهام القاضي في حكمه لم يسلم منه