المذهب، وللسلطان أن يحكم ويقضي بين الخصوم على المفتى به، ومتى صادف مجتهدا فيه نفذ أمره، ولا شبهة في أن علة عدم نفاذ حكم القاضي بخلاف مذهبه، سواء كان مجتهدا أم مقلدا - انحصرت في أمرين:
الأول: اتباع الهوى.
الثاني: عزله عن خلاف مذهبه.
ونحن لا نخالف في هذا، ونصرح بأن الحكم بالهوى باطل. ونصرح بأن الحكم بخلاف ما أذن به القاضي من الحاكم الذي ولاه باطل، ولكن الذي نتحدث عنه شيء وراء هذا كله، ذلك أننا نتحدث عن شيء سيضعه الحاكم ويلزم فيه القضاة باتباع مذاهب معينة غير مذاهبهم لمصلحة رآها، ورآها المسلمون، ونحن نصرح بأن هذا جائز شرعا، وأن القاضي يجب عليه شرعا أن يقضي في مثل هذا بما يقيده به الحاكم، ولا يجوز له أن يقضي بغير ما قيده به الحاكم، وإلا كان قضاؤه باطلا؛ وذلك لأن القاضي نائب عن الحاكم في الحكم، وقد كان يجوز للحاكم أن يقضي بالأقوال التي يريد تقييد قضائه بها، فيجب عليهم اتباع شروط التوكيل عنه. . . إلى أن قال: والمجتهد يحرم عليه شرعا أن يعمل بغير رأيه، سواء كان مجتهدا مطلقا، أو مجتهدا في مسألة، أو مسائل خاصة، والمقلد الذي يستطيع النظر في الأدلة وترجيح بعضها على بعض - يجب عليه أن يعمل بما يترجح عنده بالدليل، ولا يجوز له أن يتخير، ومن يستطيع الترجيح يتخير أو يعمل بما يطمئن إليه قلبه.
والقاضي والمفتي لا يحيدان عن هذا، غير أن القاضي يمتاز عمن يريد العمل لنفسه ذلك أنه عندما يقلد القضاء من الحاكم يجب عليه اتباع شروط