للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الأمر كما قيل: (القضايا ممدودة، والأحكام محدودة) فللقضاة مجال البحث والتحقيق في قياس ما لم ينص عليه على ما نص عليه، وذلك بالرجوع إلى المصادر الشرعية المستقى منها هذا التدوين. ثم إن طبيعة العمل القضائي لا سيما في العصور المتأخرة تقتضي تبلد الفكر، وركود الحصيلة، والقضاة يقررون ذلك، ويكثرون من الشكوى منه، وقد روي عن الإمام أبي حنيفة أنه لا يرى أن يتولى القاضي القضاء أكثر من سنتين خشية ضياع علمه.

سابعا: أن النهوض بالمرفق القضائي يتطلب مجموعة عوامل يعتبر التدوين في نظرنا أحدها، لا أنه العامل الوحيد للنهوض بمستواه. بمعنى: أن الاقتصار عليه لا يعطي نتيجة مرضية في ذلك.

لذلك كله وبحكم ممارسة أكثرنا للأعمال القضائية مدة طويلة - حكما وتدقيقا - وما نتج عن ذلك من إدراك لأحوال القضاة، واطلاع على جوانب النقص في أحكام غالبيتهم، وتحسبا لما نخشى وقوعه في حال رفض هذه الفكرة - فإننا نرى جواز تدوين الأحكام الشرعية المختارة من أرجح أقوال العلماء دليلا في كتاب يجري تعميمه على المحاكم وإلزام القضاة الحكم بموجبه، وإلى أن يتم التدوين نرى أن يؤكد ما سبق صدوره في عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - من أن الحكم يكون بالراجح من مذهب الإمام أحمد، ما عدا المسائل التي يصدر فيها قرار من هيئة كبار العلماء، أو مجلس القضاء الأعلى بأن الراجح فيها من حيث الدليل خلاف الراجح في المذهب. وإذا ظهر لأحد القضاة وجه للحكم في قضية بخلاف ذلك فعليه الرفع عن وجهة نظره مع ذكر مستنده إلى مرجعه؛ لدراسة ذلك في مجلس

<<  <  ج: ص:  >  >>