للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتعبد الخلق، وحرم الرب سبحانه وتعالى الذي جعله {لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (١) فهي وقف من الله على العالمين، وهم فيه سواء، «ومنى مناخ من سبق، (٢) » قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٣) والمسجد الحرام هنا المراد به: الحرم كله؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (٤) فهذا المراد به: الحرم كله، وقوله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (٥) وفي الصحيح: أنه أسري به من بيت أم هانئ، وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٦) وليس المراد به حضور نفس موضع الصلاة، وإنما هو حضور الحرم، والقرب منه، وسياق آية الحج تدل على ذلك فإنه قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٧) وهذا لا يختص بمقام الصلاة قطعا، بل المراد به الحرم كله، فالذي {جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (٨) هو الذي توعد من صد عنه ومن أراد الإلحاد بالظلم فيه. فالحرم ومشاعره، كالصفا والمروة والمسعى ومنى وعرفة ومزدلفة - لا يختص بها أحد دون أحد، بل هي مشتركة بين الناس، إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم، فهي مسجد من


(١) سورة الحج الآية ٢٥
(٢) سنن الترمذي الحج (٨٨١) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٠٧) ، سنن الدارمي المناسك (١٩٣٧) .
(٣) سورة الحج الآية ٢٥
(٤) سورة التوبة الآية ٢٨
(٥) سورة الإسراء الآية ١
(٦) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٧) سورة الحج الآية ٢٥
(٨) سورة الحج الآية ٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>