للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نفسه من الخير ما لا يفعله، أما في الماضي فيكون كذبا وأما في المستقبل فيكون خلفا وكلاهما مذموم وتأول سفيان بن عيينة قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) أي: لم تقولون ما ليس الأمر فيه إليكم فلا تدرون هل تفعلون أو لا تفعلون، فعلى هذا يكون الكلام محمولا على ظاهره في إنكار القول (٢) .

وقال القرطبي أيضا: وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي وسائر الفقهاء: إن العدة لا يلزمه منها شيء؛ لأنها منافع لم يقبضها في العارية؛ لأنها طارئة، وفي غير العارية هي أشخاص وأعيان موهوبة لم تقبض فلصاحبها الرجوع فيها. انتهى المقصود (٣)

وقال القرافي: الفرق الرابع عشر والمئتان بين قاعدة الكذب وقاعدة الوعد وما يجب الوفاء به منه وما لا يجب.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} (٤) {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٥) والوعد إذا أخلف قول لم يفعل فيلزمه أن يكون كذبا محرما، وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقا. وقال عليه السلام: «من علامة المنافق ثلاث: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف (٦) » ، فذكره في سياق الذم دليل على التحريم، ويروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وأي المؤمن واجب» أي: وعده واجب الوفاء به. وفي [الموطأ] «قال رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكذب


(١) سورة الصف الآية ٢
(٢) [تفسير القرطبي] (١٨\ ٧٩، ٨٠) .
(٣) [تفسير القرطبي] (١١\ ١١٦) .
(٤) سورة الصف الآية ٢
(٥) سورة الصف الآية ٣
(٦) صحيح البخاري الإيمان (٣٣) ، صحيح مسلم الإيمان (٥٩) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣١) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>