للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رؤية الشيء حسنا - كما أن الاستقباح رؤيته قبيحا، والحسن هو المصلحة، فالاستحسان والاستصلاح متقاربان، والتحسين العقلي قول: بأن العقل يدرك الحسن، لكن بين هذه فروق، والقول الجامع: أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط، بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا وقد حدثنا به النبي صلى الله عليه وسلم وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، لكن ما اعتقده العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد به فأحد الأمرين لازم له، إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر أو أنه ليس بمصلحة، وإن اعتقده مصلحة؛ لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة، وكثيرا ما يتوهم الناس أن الشرع ينفع في الدين والدنيا، ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة، كما قال تعالى في الخمر والميسر: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (١) (٢) .

وقال الشاطبي رحمه الله: المعنى المناسب الذي يربط به الحكم لا يخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يشهد الشرع بقبوله، فلا إشكال في صحته، ولا خلاف في إعماله وإلا كان مناقضة للشريعة كشريعة القصاص؛ حفظا للنفوس والأطراف وغيرها.

والثاني: ما شهد الشرع برده، فلا سبيل إلى قبوله، إذ المناسبة لا تقتضي


(١) سورة البقرة الآية ٢١٩
(٢) [مجموع الفتاوى] (١١ \ ٣٤٢) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>