والشافعي والليث، وزاد مالك فقال: يكون صلاحا لما جاوره من الأقرحة. وحكوا ذلك رواية عن أحمد.
واختلف هؤلاء: هل يكون صلاح النوع - كالبرني من الرطب - صلاحا لسائر أنواع الرطب على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد. أحدهما: المنع، وهو قول القاضي وابن عقيل وأبي محمد. والثاني: الجواز، وهو قول أبي الخطاب. وزاد الليث على هؤلاء فقال: صلاح الجنس كالتفاح واللوز يكون صلاحا لسائر أجناس الثمار. ومأخذ من جوز شيئا من ذلك: أن الحاجة تدعو إلى ذلك. فإن بيع بعض ذلك دون بعض يفضي إلى سوء المشاركة، واختلاف الأيدي، وهذه علة من فرق بين البستان الواحد والبساتين، ومن سوى بينهما، فإنه قال: المقصود الأمن من العاهة، وذلك يحصل بشروع الثمر في الصلاح. ومأخذ من منع ذلك: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى يبدو صلاحها (١) » يقتضي بدو صلاح الجميع.
والغرض من هذا المذهب: أن من جوز بيع البستان من الجنس الواحد لبدو الصلاح في بعضه، فقياس قوله: جواز بيع المقتاة إذا بدا صلاح بعضها. والمعدوم هنا فيها كالمعدوم من أجزاء الثمرة، فإن الحاجة تدعو إلى ذلك أكثر، إذ تفريق الأشجار في البيع أيسر من تفريق البطيخات والقثاءات والخيارات، وتمييز اللقطة عن اللقطة لو لم يشق، فإنه أمر لا ينضبط. فإن اجتهاد الناس في ذلك متفاوت.
والغرض من هذا: أن أصول أحمد تقتضي موافقة مالك في هذه المسائل، كما قد روي عنه في بعض الجوابات أو قد خرجه أصحابه على أصوله، وكما أن العالم من الصحابة والتابعين والأئمة كثيرا ما يكون له في
(١) صحيح البخاري الزكاة (١٤٨٦) ، صحيح مسلم البيوع (١٥٣٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٣٦٧) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٢٣) ، موطأ مالك البيوع (١٣٠٣) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٥) .