للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل هذا: أن الله سبحانه إنما حرم علينا المحرمات من الأعيان؛ كالدم والميتة ولحم الخنزير أو من التصرفات؛ كالميسر والربا وما يدخل فيهما بنوع من الغرر وغيره؛ لما في ذلك من المفاسد التي نبه الله عليها ورسوله بقوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (١) فأخبر سبحانه أن الميسر يوقع العداوة والبغضاء، سواء كان ميسرا بالمال أو باللعب. فإن المغالبة بلا فائدة وأخذ المال بلاحق يوقع في النفوس ذلك، وكذلك روى فقيه المدينة من الصحابة زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون الثمار فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدمان، أصابه مراض، أصابه قشام - عاهات يحتجون بها - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثرت عنده الخصومة، في ذلك: «فإما لا، فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر (٢) » - كالمشورة، يشير بها لكثرة خصومتهم -. وذكر خارجة بن زيد بن ثابت: أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأصفر من الأحمر. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود إلى قوله: خصومتهم، وروى أحمد في [المسند] عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونحن نتبايع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة فقال: ما هذا؟ فقيل له: هؤلاء ابتاعوا الثمار يقولون: أصابنا الدمان والقشام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تبايعوها حتى يبدو صلاحها (٣) » .


(١) سورة المائدة الآية ٩١
(٢) سنن أبو داود البيوع (٣٣٧٢) .
(٣) سنن أبو داود البيوع (٣٣٧٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/١٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>