للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس وأنس بن مالك. فإن ابن عباس سئل عن حريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل فقال: دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة.

وأبلغ من ذلك أن ابن عباس قال: إذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم، فبين أنه إذا قوم السلعة بدراهم ثم باعها إلى أجل فيكون مقصوده دراهم بدراهم والأعمال بالنيات وهذه تسمى: (التورق) .

فإن المشتري تارة يشتري السلعة لينتفع بها، وتارة يشتريها ليتجر بها، فهذان جائزان باتفاق المسلمين. وتارة لا يكون مقصوده إلا أخذ دراهم. فينظر كم تساوي نقدا، فيشتريها إلى أجل ثم يبيعها في السوق بنقد. فمقصوده الورق فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء. كما نقل ذلك عن عمر بن عبد العزيز وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

وأما عائشة فإنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما قالت لها: إني ابتعت من زيد بن أرقم غلاما إلى العطاء بثمانمائة وبعته منه بستمائة. فقالت عائشة: بئس ما بعت، وبئس ما اشتريت. أخبري زيدا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل، إلا أن يتوب: قالت: يا أم المؤمنين، أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي، فقالت لها عائشة: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (١) وفي السنن، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا (٢) » ، وهذا إن تواطآ على أن يبيع ثم يبتاع. فما له إلا الأوكس. وهو


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>