من هنا تبين أن الكتابة من أهم وسائل العلم، تحصيلا، وتعليما، بل الكتابة هي الجامعة لوسائل العلم من كونه ذهنيا ولفظيا ويجمعهما كونه رسميا، أي مكتوبا.
وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فاتخذ للوحي كتبة من الصحابة عرفوا بأنهم كتاب الوحي، وقال مرة: «اكتبوا لأبي شاه، وقال: وقد أشار إلى فيه صلى الله عليه وسلم: اكتب، فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حق (١) » .
ولم يزل العلماء يكتبون العلم والحديث، ويتدارسونه بينهم، حتى أضحت الكتابة من سيما أهل العلم، وحتى صار ضبط الكتاب عندهم أقوى وأوثق من ضبط الصدر، وهكذا دون العلم بدءا بالقرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحتى آخر العلوم تدوينا، فدون الفقه وأصوله والنحو والإعراب واللغة والتأريخ والسير والملاحم، وغيرهم ذلك كثير من العلوم الشرعية أو العلوم المساندة التي يستفيد منها طالب العلم الشرعي، حتى وصل إلينا في هذا العصر ثروة عظيمة من كتب أهل العلم الذين أفنوا أعمارهم في دراسة العلم وتحقيق مسائله.
ولما حبا الله هذه البلاد المباركة بجميع من العلماء الأجلاء الأفاضل الذين نحسبهم ولا نزكيهم على الله من خيرة علماء السنة في هذا العصر- قام ولاة الأمر وفقهم الله لرضاه بوضع هيئة لكبار العلماء في هذا البلد يجتمع فيه مجموعة من العلماء الكبار -علماء وديانة- يبحثون فيما يردهم من المسائل، وما يستجد من النوازل، ويتدارسونه من خلال جلساتهم، ويتداولون الرأي فيه؛ ليخرجوا بقرار يرون أنه الحق الموافق لشرع الله عز وجل.
(١) سنن أبو داود العلم (٣٦٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٦٢) ، سنن الدارمي المقدمة (٤٨٤) .