أما الاعتماد المستندي فينظر إليه القانونيون نظرة مستقلة تماما عن البيع الذي فتح الاعتماد تنفيذا له، لاختلاف أطرافه وأساسه القانوني، ولذلك كان طبيعيا عندهم ألا يتأثر الاعتماد ببطلان البيع.
على أن هذا الفارق نظري؛ إذ النتائج من الناحية العملية واحدة، ففي الاعتماد المستندي يرجع المصرف على الآمر فاتح الاعتماد بالقيمة طالما أنه نفذ التزامه بتسليمه المستندات المطابقة لشروط فتح الاعتماد، بصرف النظر عما إذا كان عقد البيع صحيحا أو باطلا.
وفي الفقه الإسلامي يرجع المحال عليه (المصرف هنا) بعد أداء القيمة إلى البائع (المحال) على الآمر فاتح الاعتماد (المعتبر محيلا) في كل الأحوال، أي: سواء أكان البيع صحيحا أم باطلا، كما أن للمصرف - بمقتضى مذهب الحنفية - الخيار في حالة تبين بطلان البيع بين الرجوع على المحيل وبين الرجوع على المحال القابض (البائع في مثالنا) ، فالنظر القانوني إنما قطع فقط طريق الرجوع على القابض، وبذا يتبين أن النتائج العملية واحدة وإن اختلف الأساس النظري.
الأساس الثالث: إن البحث في الاعتبارين السابق شرحهما لتخريج الاعتماد المستندي على أساس من العقود التقليدية في كتب الفقه لا يعدو أن يكون محاولة لتصنيفه على أساس هذه العقود على أنه قد سبق أن بينا أن الأصل في المعاملات جواز استحداث ما يتلاءم مع الحاجات المتجددة المتنوعة طالما لم يصادم العقد المستحدث أصلا شرعيا.
وهذه التخريجات الثلاثة نقدمها على أساس تجريد الاعتماد المستندي مما ليس لازما قانونا له مما قد يكون فيه شبهة أو خلاف في وجهة النظر