وعن أبي بردة بن أبي موسى قال: قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام، فقال لي:(إنك بأرض فيها الربا فاش، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت- القت: بالفتح هو الجاف من النبات المعروف، وهو رطب بالفصفصة بكسر الفائين، وهي القضب- فلا تأخذه فإنه ربا) رواه البخاري في [صحيحه] .
أقول: أثر عبد الله بن سلام لا يحتج بمثله الجمهور الذين يحصرون أدلة الشرع في الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
ومن الغريب قوله بفشو الربا في المدينة، والظاهر: أنه قال بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإخراج اليهود منها.
وقال الشوكاني في شرح هذه الأحاديث ما نصه: حديث أنس في إسناده يحيى بن أبي إسحاق الهنائي وهو مجهول، وفي إسناده أيضا عتبة بن حميد الضبي وقد ضعفه أحمد، والراوي عنه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف.
قوله:(سن) أي: جمل له سن معين.
وفي حديث أبي هريرة دليل على جواز المطالبة بالدين إذا حل أجله.
وفيه أيضا دليل على حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وتواضعه وإنصافه.
وقد وقع في بعض ألفاظ الصحيح: أن الرجل أغلظ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم به أصحابه فقال: «دعوه فإن لصاحب الحق مقالا (١) » كما تقدم.
وفيه دليل على جواز قرض الحيوان وقد تقدم الخلاف في ذلك.
وفيه جواز رد ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم تقع شرطية ذلك في العقد، وبه قال الجمهور، وعن المالكية إن كانت الزيادة بالعدد لم
(١) صحيح البخاري الوكالة (٢٣٠٦) ، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠١) .