لأن مداره على عبد الله بن سلمة، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر قاله شعبة، ثم روى البيهقي عن الأئمة تحقيق ما قال، ثم قال البيهقي: وصح عن عمر - رضي الله عنه - أنه كره القراءة للجنب، ثم رواه بإسناده عنه.
وروي عن علي: لا يقرأ الجنب القرآن ولا حرفا واحدا، وروى البيهقي عن عبد الله بن مالك الغافقي أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت، ولا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل» وإسناده أيضا ضعيف.
واحتج أصحابنا أيضا بقصة عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - المشهورة: أن امرأته رأته يواقع جارية له، فذهبت فأخذت سكينا وجاءت تريد قتله، فأنكر أنه واقع الجارية، وقال: أليس قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنب أن يقرأ القرآن؟ قالت: بلى، فأنشدها الأبيات المشهورة فتوهمتها قرآنا فكفت عنه، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فضحك ولم ينكر عليه. والدلالة فيه من وجهين: أحدهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه قوله: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن. والثاني: أن هذا كان مشهورا عندهم يعرفه رجالهم ونساؤهم، ولكن إسناد هذه القصة ضعيف ومنقطع. وأجاب أصحابنا عن احتجاج داود بحديث عائشة: بأن المراد بالذكر غير القرآن، فإنه المفهوم عند الإطلاق.
وأما المذاهب الباقية فقد سلموا تحريم القراءة في الجملة، ثم ادعوا تخصيصا لا مستند له.
فإن قالوا: جوزنا للحائض خوف النسيان، قلنا: يحصل المقصود