إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا (١) » رواه أبو داود وغيره، وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
وإسماعيل بن عياش ما يرويه عن الحجازيين أحاديث ضعيفة، بخلاف روايته عن الشاميين، ولم يرو هذا عن نافع أحد من الثقات، ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن. كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء، بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد، فيكبرن بتكبير المسلمين. وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: تلبي وهي حائض، وكذلك بمزدلفة ومنى، وغير ذلك من المشاعر.
وأما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد، ولا يصلي ولا أن يقضي شيئا من المناسك؛ لأن الجنب يمكنه أن يتطهر فلا عذر له في ترك الطهارة، بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر. ولهذا ذكر العلماء: ليس للجنب أن يقف بعرفة ومزدلفة ومنى حتى يطهر، وان كانت الطهارة ليست شرطا في ذلك. لكن المقصود: أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعائه مع كراهة ذلك للجنب.
فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه، لأجل العذر. وإن كانت عدتها أغلظ، فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك.
وإن قيل: إنه نهى الجنب؛ لأن الجنب يمكنه أن يتطهر، ويقرأ