للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبين ذلك من كلمته وكلمة تلميذه ابن القيم فيما يلي، مع زيادة تفصيل في أنواع الذرائع:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (١) (الوجه الرابع والعشرون) : إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم؛ بأن حرمها ونهى عنها.

والذريعة: ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء. لكن صارت في عرف الفقهاء: عبارة عما أفضت إلى فعل محرم. ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة؛ ولهذا قيل: الذريعة: الفعل الذي ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم.

أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلا؛ كإفضاء شرب الخمر إلى السكر، وإفضاء الزنا إلى اختلاط المياه، أو كان الشيء نفسه فسادا كالقتل والظلم فهذا ليس من هذا الباب. فإنا نعلم أنما حرمت الأشياء لكونها في نفسها فسادا بحيث تكون ضررا لا منفعة فيه، أو لكونها مفضية إلى فساد بحيث تكون هي في نفسها فيها منفعة وهي مفضية إلى ضرر أكثر منه فتحرم، فإن كان ذلك الفساد فعلا محظورا سميت ذريعة. وإلا سميت سببا ومقتضيا، ونحو ذلك من الأسماء المشهورة.

ثم هذه الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرم غالبا فإنه يحرمها مطلقا، وكذلك إن كانت قد تفضي وقد لا تفضي لكن الطبع متقاض لإفضائها. وأما إن كانت إنما تفضي أحيانا فإن لم يكن فيها مصلحة راجحة على هذا


(١) [الفتاوى الكبرى] (٣\٢٥٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>