الإفضاء القليل وإلا حرمها أيضا. ثم هذه الذرائع منها ما يفضي إلى المكروه بدون قصد فاعلها. ومنها ما تكون إباحتها مفضية للتوسل بها إلى المحارم فهذا القسم الثاني يجامع الحيل بحيث قد يقترن به الاحتيال تارة وقد لا يقترن، كما أن الحيل قد تكون بالذرائع وقد تكون بأسباب مباحة في الأصل ليست ذرائع فصارت الأقسام (ثلاثة) :
الأول: ما هو ذريعة وهو مما يحتال به، كالجمع بين البيع والسلف وكاشتراء البائع السلعة من مشتريها بأقل من الثمن تارة وبأكثر أخرى. وكالاعتياض عن ثمن الربوي بربوي لا يباع بالأول نسأ وكقرض بني آدم.
الثاني: ما هو ذريعة لا يحتال بها كسب الأوثان فإنه ذريعة إلى سب الله تعالى، وكذلك سب الرجل والد غيره فإنه ذريعة إلى أن يسب والده، وإن كان هذان لا يقصدهما مؤمن.
الثالث: ما يحتال به من المباحات في الأصل، كبيع النصاب في أثناء الحول فرارا من الزكاة، وكإغلاء الثمن لإسقاط الشفعة.
والغرض من هذا أن الذرائع حرمها الشارع، وإن لم يقصد بها المحرم خشية إفضائها إلى المحرم، فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع.
وبهذا التحرير يظهر علة التحريم في مسائل العينة وأمثالها وإن لم يقصد البائع الربا؛ لأن هذه المعاملة يغلب فيها قصد الربا، فيصير ذريعة فيسد هذا الباب؛ لئلا يتخذه الناس ذريعة إلى الربا، ويقول القائل: لم أقصد به ذلك، ولئلا يدعو الإنسان فعله مرة إلى أن يقصد مرة أخرى،