للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقيمة، وأرجو أنه لا بأس به.

وفي [صحيح مسلم] قول ابن عمر للمطلق ثلاثا: حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك، وعصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك، وهذا تفسير منه للطلاق المأمور به، وتفسير الصحابي حجة، وقال الحاكم: هو عندنا مرفوع.

ومن تأمل القرآن حق التأمل تبين له ذلك وعرف أن الطلاق المشروع بعد الدخول، هو الطلاق الذي تملك به الرجعة، ولم يشرع الله سبحانه إيقاع الثلاث جملة واحدة البتة، قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (١)

ولا تعقل العرب في لغتها وقوع المرتين إلا متعاقبتين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمده ثلاثا وثلاثين، وكبره ثلاثا وثلاثين (٢) » ونظائره، فإنه لا يعقل من ذلك إلا تسبيح وتكبير وتحميد متوال، يتلو بعضه بعضا، فلو قال: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين- بهذا اللفظ- لكان ثلاث مرات فقط، وأصرح من هذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (٣) فلو قال: أشهد بالله أربع شهادات بالله، إني لمن الصادقين، كانت مرة، وكذلك قوله: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (٤) فلو قالت:


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٩٧) ، سنن أبو داود الصلاة (١٥٠٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧١) ، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٨٨) .
(٣) سورة النور الآية ٦
(٤) سورة النور الآية ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>