للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني من قولي العلماء في الإقدام على جمع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة: أنه ليس بمحرم ولا بدعة، بل سنة، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه، وجماعة من أهل الظاهر، كما في [زاد المعاد] ، ونكتفي بإيراد كلام الشافعي في [الأم] ، وابن حزم في [المحلى] .

قال الإمام الشافعي: (الخلاف في الطلاق الثلاث) :

عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، «أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فبعث إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة (١) » .

قال الشافعي رحمه الله: وأبو عمرو رضي الله عنهما طلق امرأته البتة وعلم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط نفقتها؛ لأنه لا رجعة له عليها، والبتة التي لا رجعة له عليها ثلاث، ولم يعب النبي صلى الله عليه وسلم طلاق الثلاث، وحكم فيما سواها من الطلاق بالنفقة والسكنى. فإن قال قائل: ما دل على أن البتة ثلاث فهو لو لم يكن سمى أبو عمرو رضي الله عنهما ثلاثا البتة، أو نوى بالبتة ثلاثا، كانت واحدة يملك الرجعة وعليه نفقتها.

ومن زعم أن البتة ثلاث بلا نية المطلق، ولا تسمية ثلاث، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يعب الطلاق الذي هو ثلاث دليل على أن الطلاق بيد الزوج، ما أبقى منه أبقى لنفسه، وما أخرج منه من يده لزمه غير محرم


(١) صحيح مسلم الطلاق (١٤٨٠) ، موطأ مالك الطلاق (١٢٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>