للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، كما لا يحرم عليه أن يعتق رقبة، وألا يخرج من ماله صدقة، وقد يقال له: لو أبقيت ما تستغني به عن الناس كان خيرا لك.

فإن قال قائل: ما دل على أن أبا عمرو لا يعدو أن يكون سمى ثلاثا، أو نوى بالبتة ثلاثا؟ قلنا: الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد: أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة المزنية البتة، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني طلقت امرأتي سهيمة البتة، والله ما أردت إلا واحدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لركانة: «والله ما أردت إلا واحدة؟ (١) » فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان رضي الله عنهما.

قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد، أنه أخبره: «أنه تلاعن عويمر وامرأته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع الناس، فلما فرغا من ملاعنتهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) » . قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة المتلاعنين.

قال الشافعي رحمه الله: فقد طلق عويمر ثلاثا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك محرما لنهاه عنه، وقال: إن الطلاق وإن لزمك فأنت عاص بأن تجمع ثلاثا، فافعل كذا، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر أن يأمر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حين طلق امرأته حائضا، أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، فلا يقر النبي


(١) سنن الترمذي كتاب الطلاق (١١٧٧) ، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠٦) ، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥١) ، سنن الدارمي الطلاق (٢٢٧٢) .
(٢) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٥٩) ، صحيح مسلم اللعان (١٤٩٢) ، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٤٥) ، موطأ مالك كتاب الطلاق (١٢٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>