فيه وجهان حكاهما إمام الحرمين وآخرون:(أصحهما) : لا يجب، وبه قطع الجمهور كالمغصوب.
قال إمام الحرمين: ولأن الخمسة نقدا تساوي ستة مؤجلة، ويستحيل أن يسلم أربعة نقدا تساوي خمسة مؤجلة، فوجب تأخير الإخراج إلى القبض، قال: ولا شك أنه لو أراد أن يبرئ فقيرا عن دين له عليه، ليوقعه عن الزكاة لم يقع عنها؛ لأن شرط أداء الزكاة أن يتضمن تمليكا محققا. والله تعالى أعلم.
وأما المال الغائب فإن لم يكن مقدورا عليه؛ لانقطاع خبره فهو كالمغصوب، هكذا قال المصنف والجمهور، وقيل: تجب الزكاة قطعا؛ لأن تصرفه فيه نافذ، بخلاف المغصوب، ولا خلاف أنه لا يجب الإخراج عنه قبل عوده وقبضه، وإن كان مقدورا على قبضه وجبت الزكاة منه بلا خلاف، ووجب إخراجها في الحال بلا خلاف، ويخرجها في بلد المال، فإن أخرجها في غيره ففيه خلاف نقل الزكاة، هذا إذا كان المال مستقرا، فإن كان سائرا غير مستقر لم يجب إخراج زكاته قبل أن يصل إليه، فإذا وصل أخرج عن الماضي بلا خلاف، هذا هو الصواب في مسألة الغائب، وما وجدته خلافه في بعض الكتب فنزله عليه، ومما يظن مخالفا قول المصنف:(فإن كان مقدورا على قبضه وجبت فيه الزكاة، إلا إنه لا يلزمه إخراجها حتى يرجع إليه) ، هكذا قاله ابن الصباغ، وكلامهما محمول على ما ذكرنا إذا كان سائرا غير مستقر، هكذا صرح به أبو المكارم في العدة وغيره، وجزم الشيخ أبو حامد بأنه يخرجها في الحال، هو محمول على ما إذا كان المال مستقرا في بلد. والله تعالى أعلم.